محمد قويدر الرئيس المدير العام لشركة الدراسات وتهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس لـ"المغرب"
على إثر زيارة وزير الماليّة و المدير العام للدّيوانة التّونسيّة إلى ميناء صفاقس وذلك يوم الاثنين 25/ 08/ 2014 و ما طرح خلالها من مشاكل جمّة يعاني منها الميناء منذ عقود نتيجة
سياسة التّهميش التّي اعتمدها النّظام السّابق، يرى العديد من أهالي صفاقس الغيورين على مدينتهم أنّ هناك مشاكل أخرى يعاني منها ميناء صفاقس منها غياب التّعصير و النّقص الفادح في أعوان الدّيوانة و تجهيز ميناء صفاقس بأرصفة لقبول الحاويات و ممّا يزيد الأمر تعقيدا أنّ الجهات المشرفة على مشروع تبرورة و بعض جمعيّات البيئة تسعى إلى ضم المساحة القابلة لإنجاز مشروع التّعصيرأي ضمّ قطعة الأرض التّي مازالت تابعة لميناء صفاقس و أرصفة خاصّة بالنّشاط البترولي طولها 370 مترا ما يتّسع لباخرتين من الحجم الكبير حجمها أكثر من 25 ألف طن و عمق الأرصفة عشرة أمتار.
يضيف المتتبّعون لمسار شركة تبرورة أنّ هذه الأخيرة تسعى إلى الاستحواذ على ما سيتركه المجمع الكيميائي و شركة فسفاط قفصة و غراني فورس بعد أن يغادروا ميناء صفاقس و هو ما يقابل 584 مترا من الأرصفة و 42 هكتارا من المساحة و حجّة الشّركة في ذلك أنّ المستثمر الذي يعاين منطقة تبرورة جوّا سيكتشف قربها من أرصفة لبواخر تفرغ المواد الملوّثة و تشحّن البخّارة و ثالوث الفسفاط الرّفيع ISPو الفسفاط الخام وبالتّالي يعدل عن الاستثمار في تبرورة، غير أنّ حجّتهم مردود عليها لأن إيقاف هذه الأنشطة الملوّثة مبرمج منذ مدّة و لكنّ الظّروف التي تمرّ بها البلاد خاصّة على المستوى الاقتصادي والأمني و ضعف أجهزة الدّولة جعل الأمور تراوح مكانها كالعديد من القضايا التي تعيشها البلاد منذ 14 جانفي 2011 (قضيّة الشهداء والجرحى، النيابات الخصوصيّة...).
كما يرى أهل الذّكر أنّ المصلحة الوطنيّة تقتضي تدعيم ميناء صفاقس وتعصيره وذلك أساسا بإنجاز رصيف خاصّ بالحاويات علما وأنّ مستقبل الأنشطة المينائيّة يتوجّه نحو التّخصّص في تفريغ الحاويات و الدّليل على ذلك أنّ ميناء صفاقس شهد سنة 2000 إنزال ما يقارب عن 2000 حاوية في حين ما تمّ إنزاله سنة 2013 قارب 70 ألف حاوية. وحسب بعض التّقديرات فإنّ المردود المالي على كلّ حاوية يتمّ إنزالها أو شحنها يقدّر بدولار واحد، و حين يتمّ إنجاز الرّصيف الخاص بالحاويات يصبح بإمكان صفاقس قبول أكثر من 500000 حاوية سنويا. ولنتصوّر المردود المالي على خزينة ديوان المواني فضلا عن وسائل أخرى مرتبطة بإنزال و نقل الحاويات و ما تدخله من حركيّة اقتصادية وتشغيل لليد العاملة على الأنشطة المرافقة.
ويتساءل البعض في نفس هذا الإطار عن جدوى إنجاز ميناء المياه العميقة بالنفيضة الذي يتطلب أموالا طائلة لإنجازه و مدّة طويلة لا تقلّ عن 15 سنة فضلا عن المدّة التي تتطلبها الدّراسات الفنيّة الضروريّة في حين يكاد يكون ميناء صفاقس جاهزا لتعصيره و تجهيزه بالمعّدات الضرورية لإستقبال 500000 حاوية في مدّة لا تتجاوز 5 سنوات وبتكاليف أقل من تكاليف ميناء النّفيضة.
وقد يحتجّ البعض بإمكانية استفحال الاختناق المروري بمدينة صفاقس بسبب هذه الأنشطة والجواب يأتي حسب المثل الشعبي «إلّي يعمل كوشة يعملها دندان» أي ضرورة إنجاز جسور وطرقات علويّة بحيث لا تمر الشّاحنات من شوارع المدينة.
«المغرب» اتّصلت بالسيّد محمّد قويدر الرئيس المدير العام لشركة الدراسات وتهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس ليردّ مشكورا على هذا التّقييم والوضع الذي يعيشه ميناء صفاقس:
«تعتبر الشركة أن الميناء التجاري بصفاقس مكسب للمدينة وجب تدعيم نشاطه حتى يساهم في دفع عجلة التنمية بالجهة ولم تفكر الشركة مثلما تمّ ادعاؤه في ضّم المساحات المذكورة (الشواطئ القديمة والمنطقة الفوسفاطية الى مشروع تهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس، وإنما في إطار رؤية شاملة مندمجة وجب التعايش بين الميناء والمشروع المستقبلي للمدينة وهو ما تمّ اقراره خلال جلسات العمل الوزارية بتاريخ 20 نوفمبر 2012 و23 ماي 2013 والمتمثلة في مبدإ إقرار التعايش بين نشاط الميناء غير الملوث والتهيئة المستقبلية للمشروع من خلال التوصيات المنبثقة عن جلسات العمل الوزارية والمتمثلة في تخصيص فضاء الأنشطة الفوسفاطية بعد تحويلها الى الأنشطة المينائية غير الملوثة وتخصيص فضاء الشواطئ القديمة الى الأنشطة الثقافية والترفيهية لفائدة أبناء المدينة وبالتالي فان الشركة لم تسع إلى ضم المساحات المذكورة الى حوزة المشروع وهي مغالطة للرأي العام.
وإن وجود هاته الوحدات في وضعها الحالي لا يساعد على جلب الاستثمار إلى مشروع تبرورة خصوصا ولا يساعد على تطوير مدينة صفاقس سياحيا وثقافيا واقتصاديا.
لئن لقّبت مدينة صفاقس منذ القدم بعاصمة الجنوب و هاهي اليوم تحظى بشرف لقب عاصمة للثّقافة العربيّة لسنة 2016 فإنّ أهلها يأملون أن تصبح في يوم من الأيام كذلك عاصمة للبيئة الّسليمة.
جريدة المغرب
السبت 30 اوت 2014
| بقلم: مصدق الشريف