شهدت الاستثمارات الأجنبية في تونس خلال الأشهر الأولى من سنة 2014 تراجعاً بلغ نسبة 24.6 ٪، وهو ما يمثل 320.5 مليون دولار، أي ما يعادل 545 مليون دينار، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2013، وفق بيانات أكدتها وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي.
تتوزع اغلب هذه الاستثمارات المباشرة على قطاعات الطاقة والصناعة والزراعة والسياحة والعقارات، وقد حظي قطاع الطاقة بالنصيب الأكبر من إجمالي هذه الاستثمارات حيث استأثر بـ 335 مليون ديناراي ما يعادل تقريبا 203.03 مليون دولار, ومع ذلك سجل تراجعا بنسبة 6.9 بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2013، بمبلغ يعادل 197 مليون دولار، وذلك رغم تسجيله تراجعًا بنسبة %6.9 بالمقارنة مع النتائج المسجلة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي.
سجلت الاستثمارات في قطاعات الصناعة والخدمات والفلاحة تراجعا بنسب متفاوتة تراوحت بين 20 و%100، حيث عرفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الصناعة تراجعا بنسبة 20.6 % لتبلغ 144 مليون ديناراي نحو 87.27 مليون دولار وانخفض أيضا الاستثمار في قطاع الخدمات بنسبة 80.1 %، حيث بلغ 27.8 مليون دينار أي بنحو 16.84 مليون دولار, مقابل 139.8 مليون دينار أي ما يعادل 84.72 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام2013, فيما فقد قطاع الفلاحة 100 % من حجم الاستثمارات الخارجية.
أمام هذا التراجع الملحوظ والمؤثر للاستثمارات الخارجية المباشرة في بعض القطاعات فقد سجلت الاستثمارات في قطاعي السياحة والعقارات تطورًا بنسبة 80 ٪، وفي واقع الأمر فان هذه الاستثمارات بدأت في التراجع منذ الثورة،التي أثرت بشكل مباشر على التدفق الأجنبي وبعض الشركات الأجنبية التي أغلقت، أبوابها وسرحت عمالها وساهمت بصورة مباشرة في تعميق الأزمة الاقتصادية في البلاد وخلق أزمة اجتماعية مضاعفة.
العوامل السياسية والأمنية
لئن لعبت العوامل السياسية والأمنية دورا فعالا في تراجع الاستثمارات الأجنبية وتردد المستثمرين الأجانب في التوجه إلى تونس وقرار الانتصاب والاستثمار فيها فان البنية التحتية في البلاد وقلة المناطق الصناعية كان لهما دور كبير في هذا التراجع وعزوف المستثمرين على الاستثمار في تونس ومع إن بعض المدن بعثت فيها مناطق صناعية إلا إنها غير مرتبطة بالمدن الكبيرة ارتباطا صحيحا على اعتبار غياب الطرق السيارة والفضاءات الحيوية الكبرى مثل الوحدات الصحية والفضاءات التجارية والمدارس والمعاهد التي تشجع المستثمرين على التوجه نحوها
وتوظيف عمال واستقطاب اليد العاملة وهي أيضا مسالة بقيت على مدار السنين قيد الدراسات والتنظير الذي لم يدخل بعد حيز التنفيذ وتعاقبت عليه الحكومات تباعا وبقي حبرا على ورق.
كيف نتهم المستثمرين الأجانب ونحن غير قادرين على حماية حدودنا وبلادنا من خطر الإرهاب وتدفق السلاح كيف نتهم الدول المجاورة باستغلال فرصة ضعفنا الأمني والعسكري ورمي الطعم للمستثمر الأجنبي حتى يغير اتجاه طائرته من تونس إلى مطاراتها وتستقبله بالأمن والسلم والهدوء الأمني ؟ يجب أن نحاسب نفسنا أولا وان نكون قادرين على حماية بلادنا وعساكرنا الذين يقتلون تباعا ونزفهم بالعشرات إلى مدافع الإرهاب ويوما بعد يوم يجب أن نكون قادرين أولا على حماية مصالحنا مع الأجانب وحماية استثماراتهم قبل أن نطرح السؤال حول تراجع تدفق أموالهم على بلادنا التي كانت ولمدة غير بعيدة من أفضل وجهات الاستثمار والسياحة أيضا.
جريدة المغرب (بقلم: زمردة دلهومي )