نشرت جريدة ( الشروق ) الخميس تحقيقا مؤلما حول اتلاف البطاطا ... وهذا ما جاء فيه
في بلادنا فقط نقص الانتاج نقمة وكذلك الفائض نقمة مفارقة غريبة يعيش على وقعها منتجو البطاطا حاليا ومنتجو الحليب والقوارص كما عاشها قبلهم منتجو الطماطم والبصل والجلبان والفراولة في بلادنا فقط البطاطا يتم وأدها في الارض حرثا وتتحول الى علفة للابقار
والسؤال الذي يفرض نفسه الى متى يدفع المنتج ضريبة حرصه على توفير المنتوج ؟ ولصالح من ضرب منظومة الانتاج ببلادنا ؟ وهل قدرالمنتج الخسارة وقدر المستهلك شراؤها باسعار مشطة عندما تنقرض من السوق ؟ واي ذنب لليد العاملة الفلاحية التي توفر قوت يومها من هذه المنتوجات؟
الجريمة
عديدة هي صيحات الفزع التي اطلقها المنتجون عبر وسائل في اكثر من مناسبة لينبهوا الى الكارثة التي ستحدث جراء عدم اخذ الاحتياطات اللازمة لامتصاص فائض البطاطا لا حياة لمن تنادي وان تحركوا فان حلولهم ظلت حبرا على ورق واكبر دليل على ذلك ما اقدم على فعله بعض الفلاحين يوم امس من حرث مساحات كبيرة مزروعة بطاطا لم يتمكنوا من ترويجها فخيروا ان تظل تحت التراب عوض مصاريف اليد العاملة التي ستجمعها ثم مصاريف تخزينها ان وجدوا مخازن خاصة.
فيصل التبيني رئيس حزب صوت الفلاحين لفت انتباهنا عبر اتصال هاتفي الى ماوصفه بالكارثة في حق منتجي البطاطا بولاية جندوبة حيث لم يجد بعضهم من حل غير الحرث كما فعلوا سابقا مع البصل لان المشتري غير موجود ...وان وجد يقدم سعرا بخسا لا يصل نصف كلفة الزراعة فيجد المنتج نفسه مجبرا لعدم تحمل المزيد من الخسارة بحرثها وجمعها.
وذكر ان المخزون حاليا في حدود 200 ألف طن والبطاطا البدرية على الابواب وان لم تتدخل الوزارات المعنية في حل مشكل الفلاحين والاتصال بهم ومتابعة اوضاعهم حالة بحالة فاننا نعلمها ان لا تتعب نفسها في سبيل الاتصال بهم اثناء جمع صابة الحبوب
وقال احمل المسؤولية كاملة لوزارتي الفلاحة والتجارة في ما حدث لمنتجي البطاطا اللذين لهم مهمة وحيدة تتمثل في التوريد او الترفيع في الاسعار.
ودعا الى مراجعة المنظومة كاملة واضطلاع كل طرف بمسؤوليته تجاه اقتصاد البلاد والحفاظ على الامن الغذائي لمواطنيه وتساءل من يقف وراء كسر منظومة الانتاج وفتح المجال لـ«بارونات» التوريد.
وعاب على الهياكل المعنية اصدار القرارات من مكاتبها دون النزول الى الميدان وتحديد استراتيجيا واضحة للانتاج تحدد المساحات والحاجيات وترشد الفلاحين الذين يزرعون بطريقة رعوانية رغم تطور الوسائل.
وتساءل اين المندوبون الجهويون ؟اين الارشاد الفلاحي ؟ اين الدولة التي يفترض ان تحدد «الكوتا» حسب دراسة شاملة للاراضي المزروعة ؟
وراى انها فكرت في المستهلك بفتح باب التوريد ولم تفكر في المنتج الذي يضمن تواصل الانتاج والذي حسب اعتقادنا سيعزف عن الانتاج وسترى الدولة تبعاته الوخيمة على جميع المستويات
واشار الى ان الفلاح له عائلة ومصاريف ومتورط في قروض وديون من جميع الجهات وعوض ان يجمع المنتوج ليسترجع مصاريفه وتعبه وشقاءه ويوفر لعائلته العيش الكريم يصبح في حال يرثى لها بسبب سوء التصرف والتنسيق وبيرقراطية الادارة التونسية بينما يفترض ان تعمل لجان خاصة لمتابعة كل منتوج من الالف الى الياء.
علفة للحيوانات
المخزون يقدر بـ 13الف طن والفريقوات ممتلئة والبطاطا البدرية على الابواب والسوق لا تتقبل المزيد هذه الصورة الحالية لمنظومة انتاج البطاطا حسب شكري الرزقي نائب رئيس اتحاد الفلاحين المكلف بالانتاج النباتي والذي افاد في تصريح ل:الشروق ان البطاطا صارت خضراء داخل الارض لذلك لجأ بعض المنتجين لحرثها درءا للمزيد من الخسارة.
وحول ردة فعل الاتحاد تجاه هذه الكارثة ذكر انه باتصال مع جميع الهياكل المعنية من وزارة ومجمع مهني مشترك للخضر وديوان الاراضي الدولية.
والوضعية الحالية تتمثل في وجود 1300طن من البطاطا المخزنة بديوان الاراضي الدولية وتوجد 12الف و500طن في المجمع
وتقدر مصاريف الديوان بـ50مليونا في التبريد شهريا ومصاريف المجمع 350مليونا شهريا بينما افاق التسويق غير موجودة.
وقال حاليا ننتظر رد الوزارة سواء بالاتلاف وكيفية التعويض او استعمالها كاعلاف للابقار علما وان ديوان الاراضي الدولية اتخذ هذا القرار مع اللجنة المكلفة وطلب ترخيص في الغرض لانه لا وجود لحل حاليا غيره
وحول امكانيات التصدير اكد انها غير موجودة حاليا لانه لدينا اسواق محددة وهذه العملية تتطلب الاستمرارية والتنظيم فتونس خلال السنة الماضية اغلقت الباب في وجه التصدير الى ليبيا فخسرته والسوق الاوروبية كذلك ملآنة لأنه توجد وفرة في المنتوج هذا العام بعديد البلدان بفضل الظروف المناخية الملائمة.
مليارات
وفي الوقت الذي تعيش فيه بلادنا ازمة اقتصادية خانقة ورئيس الحكومة يجوب البلدان طلبا للمساعدة على تجاوزها وفي الوقت الذي يشتري فيه المواطن البطاطا بأكثر من 600مي تواجه بلادنا اشكالية التفويت في مخزون البطاطا الذي يقدر بـ10مليارات دون النظر لفائض باقي المنتوجات.
والسؤال كيف سيتم التخلص من هذا الفائض ومن يدفع التعويض للمجمع المهني المشترك ليقف من جديد ويواصل مهمته؟
نائب رئيس اتحاد الفلاحين اشار الى ان البطاطا الفصلية توزعت على 12 الف هكتار لايزال منها تحت التراب حوالي 500 ألف هك حسب الوزارة وهي مهددة بالحرث عوض جمعها واستهلاكها محليا او توجيهها نحو التصدير.
حلول
وزير الفلاحة الاسعد الاشعل طرحت عليه الشروق على هامش مؤتمر الفاو سؤالا يتمحور حول كيفية انقاذ منتجي البطاطا من نقمة الفائض فرد الوزير انه يتابع المسألة بانشغال وتم التطرق اليها أثناء مجلس وزاري وتم اتخاذ قرارات للتشجيع على التصدير لامتصاص الفائض.
ولكن للاسف يبدو ان مساعي الوزير لم تحل دون حدوث الكارثة لان منظومة الانتاج لا تقبل بالحلول الترقيعية بل باتخاذ الاستراتيجيات الواضحة والتنسيق بين جميع الحلقات وتمثيلها في لجنة موحدة ومحاسبة اللجنة عند حدوث اي اخلال وعدم توازن بين العرض والطلب وبالتالي الانتاج وحاجيات السوق الداخلية والخارجية والمحاسبة ترافقها عقوبات صارمة وليس مجرد التأسف على ما حصل لان الفلاحين ليسوا «كراي» بل هم الاصل في هذا البلد وفي كل مرة يحترقون بنار الشمس ويتحملون برد الصقيع ليوفروا الانتاج بينما بعض المسؤولين في مكاتبهم ينعمون باجهزة التكييف و غيرها من الامتيازات ولا يحاسبون على سوء تقديرهم والتقصير في المتابعة.
وفي نفس الاطار ذكر الرزقي نحن ندعو دائما الى تكاثف جميع المجهودات خاصة في مجال توريد البذور وتوريد البطاطا للاستهلاك والمحافظة على اسواقنا الخارجية
وقال طلبنا في لجنة 5 زائد 5 بحضور ممثل منظمة الدفاع عن المستهلك لانه من غير المعقول في كل مرة باسم تلبية حاجة المستهلك لمنتوج يستطيع ان يصبر على فقدانه اسبوع يتم اغراق السوق بالبطاطا الموردة فتنعكس سلبا على منظومة الانتاج وتعود ريمة لحالتها القديمة.
واكد انه حاليا ليس امامنا غير توفير مخازن توريد والبحث عن اسواق لتصدير البطاطا البعلية التي ستنطلق عملية جمعها خلال شهر ماي.
البطاطا في ارقام
ـ خسارة الفلاح حاليا تقدر بـ3 الاف دينار وعند حرثها تتضاعف الى 6الاف دينار
ـ المخزون حاليا في حدود13الف في مجمع البطاطا وصابة على الابواب تتجاوز 200الف
ـ منتجو البطاطا يروجون الكلغ بين 200و250 مي والمستهلك يشتريها بأكثر من 600مليم
ـ اجرة اليد العاملة الفلاحية 10دنانير للعامل الواحد في اليوم الواحد
ـ نزرع البطاطا بين 11و12الف هكتار سنويا