بعد شروع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في زيارات استكشاف للاسواق الافريقية كتبت زمردة دلهومي في جريدة المغرب مقالا تحليليا تناولت فيه هذا التوجه فقالت :
تتجه اليوم أنظار أغلب الأعراف ورجال الأعمال إلى اكتشاف أسواق إفريقية جديدة تكون قادرة على إنقاذ الاقتصاد التونسي المرتبط بنحو 80 % من صادراته بالدول الأوروبية التي تعيش أزمة مالية واقتصادية خانقة
و استيعاب المنتجات التونسية إلى جانب توفير فرص استثمارية جديدة للمستثمرين ، فهل يمكن فعلاً أن تلعب الأسواق الإفريقية هذا الدور وتكون دعامة للاقتصاد التونسي؟ وهل حان موعد الانطلاق نحو الأسواق الإفريقية حسب التوقيت المحلي لتونس التي عاشت لمدة ثلاث سنوات متتالية على وقع أزمات مالية وسوء تصرف عصف بجزء كبير من مكونات الاقتصاد الوطني وجعله يعيش تحت وطأة المؤشرات السلبية والمتراجعة؟
لعل إشارة رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بو شماوي خلال ندوة صحفية عقدتها يوم 16 نوفمبر 2013 إلى أن هذه السنة ستكون سنة إفريقيا، ليست عبثية بل قرار اتخذه الأعراف لأنهم يعرفون جيدا أن إفريقيا القارة السوداء منبع للمال والثروات في وقت يمر فيه شريك تونس الاستراتيجي الاتحاد الأوروبي بصعوبات مالية واقتصادية مختلفة،بالتوازي مع غياب الاندماج المغاربي الذي يكلف شمال إفريقيا خسائر اقتصادية تقدر بنحو3 %من الناتج الإجمالي.
يتوجه اهتمام اغلب الدول إلى السوق الإفريقية كسوق بديلة واعدة من شانها أن تعزز الاقتصاد العالمي وان تساعد بعض الدول التي عجز أداء أسواقها التقليدية على استرجاع بعض الخسائر التي تكبدتها خاصة وان اغلب الدراسات تشير إلى أن الأسواق الإفريقية خلال السنة الحالية ستحقق نسبة نمو مهمة وقد أشارت في هذا الشأن دراسة صادرة عن كلية الاقتصاد بجامعة «دار السلام التنزانية» إلى أنه من المتوقع ، أن تحقّق « إفريقيا » « جنوب الصحراء الكبرى » نموا اقتصاديا نسبته %5.3 خلال العام 2014 وذلك يعود بالأساس إلى النّمو الذي يتم تسجيله في قطاعات الزراعة والإنتاج النفطي والتعديني في هذه المنطقة وهو ما من شانه أن يساهم في تحقيق نقلة نوعية على مستوى الأداء الاقتصادي في المنطقة.
ووفقا لنفس الدراسة ، ستحقق منطقتا وسط وشرق « إفريقيا » نموا هاما خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي ، أما منطقة جنوب القارة الإفريقية ، فقد ربطت الدراسة بين نموها المتوقع خلال العام الجاري ومؤشرات النمو الاقتصادي الواضحة لاقتصاد جنوب إفريقيا الذي يعدّ من بين أقوى اقتصاديات هذه المنطقة، وبين المراهنة على نجاح دول الإقليم في تحقيق وترسيخ ديمقراطياتها الناشئة وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان وتحسين مناخات الاستثمار فيها، كمحفز أساسي لنمو اقتصادياتها خلال العام الجاري وما يليه من أعوام.
يلاحظ المتابع لمؤشرات تطور الأسواق الخارجية وخاصة تلك التي ترتبط بها تونس ان تونس لم يغب اهتمامها بالسوق الإفريقية رغم عدم بروزه أمام مؤشرات الأسواق الأوروبية التي تحتل النصيب الأكبر من معاملات تونس المالية والاقتصادية حيث تتضح إرادة تونس لدفع الشراكة الإفريقية من خلال البعثات الاقتصادية التي انتظمت خلال السنوات الأخيرة في عدة دول من القارة وكذلك من خلال تعهد المؤسسات التونسية العاملة في قطاع الخدمات للاستثمار في إفريقيا والمشاركة في طلبات العروض التي تطلقها دول القارة بهدف إحداث مشاريع مشتركة مع مؤسسات افريقية في إطار رؤية تقوم على تبادل المنافع ويذكر في هذا السياق أن عدد المؤسسات التونسية الفائزة بالمناقصات الدولية التي تطلقها دول القارة تنامى خاصة في قطاعات الدراسات والكهرباء والأشغال العامة وتكنولوجيات الاتصال. وتقدر قيمة الصادرات التونسية نحو السوق الإفريقية بنحو 3 % من إجمالي الصادرات الوطنية وتدر عائدات من العملة الصعبة تناهز 610 مليون دينار.
اهتمام الأعراف بالسوق الإفريقية وعزمهم على مضاعفة الجهود نحو تركيز أسس الشراكة جاء لتدارك تواضع حجم الصادرات التونسية الذي يرجعه بعض المحللين والمهتمين بالشأن المالي والاقتصادي إلى غياب المعلومات حول الفرص الحقيقية التي توفرها السوق الإفريقية والى مشاكل النقل وغياب الوسائل اللوجستية الملائمة وكذلك انعدام الدعم المالي للمؤسسات المصدرة ونشير في هذا الشأن إلى أن تونس تصدر إلى إفريقيا أساسا مواد البناء والأشغال العامة والهندسة والاستشارات والخدمات الصحية والتربية وتصل هذه المواد أساسا إلى أثيوبيا التي تعد قاعدة لإعادة تصديرها نحو بلدان افريقية أخرى على غرار السينغال وروندا والكاميرون وساحل العاج وفي المقابل تورد تونس من إفريقيا بعض المواد على غرار القهوة والقطن والخشب والمواد الأولية الأخرى.
لا يكفي مجرد الاهتمام والخطابات والاتصالات للتعبير عن قيمة الأسواق الافرقية في تعزيز الاقتصاد الوطني بل يتعين مصاحبة المؤسسات بشكل جيد للتعريف بمنتوجاتها وتحسين الوسائل اللوجستية لتسهيل النفاذ إلى هذه الأسواق وإدخال القطاع البنكي صلب هذه الإستراتيجية على غرار ما تقوم به بعض البنوك لمساعدة المصدرين على اقتحام بعض الأسواق الإفريقية، كما يتعين تكثيف البرامج الترويجية لغرف التجارة والصناعة ودعم التنسيق بينها وتنظيم بعثات ترويجية إلى الأسواق المستهدفة وتعزيز المشاركة في المعارض والصالونات الدولية إلى جانب مزيد العناية بأسواق البلدان الإفريقية من خلال دعم الحضور التجاري فيها وتشجيع المؤسسات المصدرة على الانتصاب في البلدان المعنية وفتح مكاتب بها إضافة إلى استغلال الإمكانيات والآفاق المتاحة للشراكة وتصدير الخدمات إلى البلدان الإفريقية،حتى تجد تونس منفذا جديدا للخروج من أزمة طالت وأضعفت كل مفاصل اقتصادها.